Thursday, July 10, 2008

صباح الخــــــــــير




وقفت صامتاً لحظات طويله عندما فكرت في بدايه كتابتي هذه , سرح الفكر وشرد عندما حاول مسك خيوط التأمل والغوص الى اعماق الجسد والروح معاً مصاحباً معه انفاسي واختلاجاتي ودموعي الخفيه .
كانت فكره حمقاء وانا في هذا العمر ان اكتب عن وجع صاحي يلازمني منذ ان انهض من فراشي صباحاً حتى اعود اليه مساءاً منهك القلب والجسد ..
لا انكر ان في الفكر الكثير الكثير من الكلام الذي نوى اعلان الحرب على اعصابي واثار بحماقاته ثورات كبيره لاانكر ان في جعبه الفكر ملايين الحروف المرتجفه مثل طيور ارتعشت من البرد وهي في طريقها صوب المدى تحت امطار الزمن القاسيه وظروف عصيبه لازمتها في رحلتها المجهوله .
كم هناك حروف تود الهروب والسقوط في برك الحبر والدم ونجيع ذاك الشريان الذي ما هدأ يوما وما استقر تدفقه في صدري .
كان الذعر يسطر على ما اقول وما اكتب وما تخفي ابتساماتي البريئه , كان قلقي وتوجسي من تلك الحروف البربريه التي ولدت وترعرعت في رحم الصمت منذ نعومه اظفاري منذ ان احترفت صناعه الكلام والحديث المستمر مع الورق والقلم والحروف ..
خفت على فراشات ازهاري من الطيران , خفت على رحيق حروفي من ان تتبعثر كما الرمال على الشواطئ ,خفت من صمتها الطويل ومن طغيانها بعدما استمدت مني ومن عصاره روحي وفكري قوتها وعطائها ..
احترست على فراشاتي الملونه من خروجها من شرنـقـاتها وخروجها العارم وصراخها بوجهي ورفع سيف الحق وان تعلن على ملهمها العدوان ..
قضيتنا تعقدت وبرائه حروفي صارت قضيه عار ودم وثأر تأخر اخذه وقاتل طليق في رحاب الدنيا ..
قد اكون الآن اهوج التفكير او شارد الذهن ,لكن لدي ما اقوله بحقي وبحق من احبهم ومن اتخالط معهم في الحياه منذ سنوات ولم اتجانس معهم .. فكرت في صحوي المتأخر وفي قراري الذي جاء عنوه عني وما كان لدي رغبه فيه او محبه به واليه .
كل الذي امر به الآن واشعر بقراره نفسي فعله او عمله هو تحدي نفسي ومعتقدي ومن ابى الزمان ان يقربني منهم وأن احيا معهم في غد اجمل وابها , اشعر في دواخلي بدبيب القوه والعزيمه لقول ما لم استطع ان اقوله بيني وبين فكري وان يرفع بعده تأريخي رايه النصر والفخر بعد هزائم كثيره وتجارب خائبه مرت ولم تمر ....
اعيش في لحظاتي هذه حالات صدق نادره وراحه نفسيه مريحه لأعصابي المشدوده وشوق طفولي يبعث في النفس البهجه والسرور ويرفع أي انسان من حاله الوهم واليأس الى دنيا الحلم والخيال ..

لدي رغبه في اعاده امجاد كتاباتي التي طمرت رحى الزمان عليها وغطت وريقاتها النديه اتربه الزمن القاسي وبعد مضي سنوات عديده وانا على مشارف الثلاثين من عمري اشعر وكأن عمر كتاباتي خطت بقلم طفل صغير على ورق ابيض ناصع كقلبه البريء ..
ليست رغبتي سهله وبسيطه ومطالبي ليست بالهينه فما انا به الآن اشبه ما يكون بفلم سينمائي اشاهد احداثه لأول مره واتفاعل مع مجرياتها ومواقفها دون ان اعلم انها قصتي وانا المعني بذلك وانا اولاً واخيراً البطل .
قد تخونني المفردات في صياغه اقوالي ولكن ايماني العميق دوماً كان الفيصل في اختيار مجريات حياتي ومسيرتي الطويه القصيره مع الحياة , موقفي كل ما مرت الايام احسه يصعب ونوبات الصراع الدامي مع ذاتي باتت تربكني وفي اغلب حالاتها كانت من تنتصر عليه ومن تنكسر امامي وتندحر من ساحات معاركنا بخسائر كبيره .
بعد سنوات من اول تجربه لي بل وأول مسكه للقلم بيدي وأول خط سحبته على دفاتر الحديث مضت سنوات كثيره لا اذكرها كم , او لا اريد ان اقول كم خوفاً من ان اظلم بقولي شهر او سنه او حتى يوم .. كل الذي اذكره انني بدات من يوم عرفت ان الذي نحيا بها اليوم اسمها الحياة.
صراعات عديده شهدتها ساحات فكري ونحن ( انا وعقلي ) نتنازع في شعور ربما لا نستدرك ولا نقيم ونثمن امتلاكه الأ حين ضياعه من بين ايدينا والسعاده هي من اول ما فكرنا به وتناقشا عليها ..
سعادتي كانت من اصعب احلامي تحققاً وتقرباً مني ولكن الله يرسل الينا كل يوم سبل كثيره تحمل لنا بين طياتها مئات الدقائق المفرحه فلماذا اذن ننكر ما يرسل الينا ونتمسك بخيوط السراب ؟
احياناً اشعر وكان الدنيا لم ترسل لي فرحه او ابتسامه ترسم بها شفتاي حركه تريح لي قلبي وتنعش انفاسي المختنقه وحين اراجع يوميات في تاريخي القريب اجدني غارق في بحر من الفرح وامواج من السعاده ولكني لم اراها ولم اشعر بها ولم اتذوق حلاوتها ..
لأن في اعماق بحر العقل والقلب فوضى وسيول جارفه وطوفان جارف سحب معه لذة الاحساس والمتعه بالأشياء ولا من سبيل لصده او حجبه ومقاطعته .
ارى في افكاري الرياح والصواعق وحبات البرد تتطاير في فضاء الروح والفكر الشريد الباحث عن لحظه صفاء وحنان ومعنى سامي من معاني الوفاء والعرفان . نوافد الروح مفتوحه ورياح الذكريات تعصف بالمكان وقد حولته من ركود وجمود الى ساحه من الضياء والهواء وستائر التأمل ترتفع بين الفينه والاخرى لتظهر في ثناياها كل ماهو مستتر وغير منظور وما تخفي النفس وما لا تشتهي العيون ان تراه او تتذكره .
فكيف اذن ومن بين هذه الاوهام والسحب الملبده بغيوم المطر نريد ان نرى الدنيا بعين التفائل والخير ونحن نتوسط عالم الكبت والسكون والفوضى في نفوسنا قبل ان نتحسسها بأيدينا وقلوبنا.


من الطبيعي جداً شعورنا المتضارب واحساسنا الساذج بما يحتوينا ونحتويه وبما يمر بنا ونمر فيه ..
من الطبيعي ان نشعر بتخاصم الاشياء من حولنا وتباعد الانسجام بيننا وبين الآخرين ,بيننا وبين كل ما اعتدنا ان نقترب منه ساعه الخصام .. شوارعنا .. بيوتنا .. اصدقائنا .. احبائنا .. ساحات لقائنا .. اوراقنا .. مقاهينا .. اكواب الشاي .. كروت الحب .. رسائلنا .. وكل ما نحبه ويحبنا ..
ليس غريباً ان تقفل بوجوهنا ابواب الرجاء والمستقبل المشرق البهي .. لا من عجب او غرابه
فنحن بايدينا من اوصدنا غلال الروح وحجبنا عن عيوننا شعاع الشمس الثاقب الذي اخترق الجدار ولم ندعه يخترق قلوبنا ..
من السبب اذن ؟
ليست الشوارع من اغلقت امامنا وما من باب موصد امامنا الأ ابواب افكارنا الحمقاء وساعاتنا الرتيبه .. ما من لحن جميل تغير في مسامعنا بل مسامعنا التي فقدت احساسها باللحن والجمال .. لا تزال في صدورنا رئات تتنفس ولايزال هواء الله مفعم بالأوكسجين وما من شيء كوني قد تغير بل صدورنا بدأت ترفض الهواء النقي وآثرت التسمم على النقاء .
من حق كل من نبذ في دواخله ونكر ما من الله به عليه ان يلعن ساعه الولاده ان يلعن مكان الاقامه ,سنوات الدراسه ,علاقته مع الحبيبات , ضحكاته , خطواته الفاشله , كلماته الرنانه , افعاله الرعناء .. من حقه ان يلعن كل ما امامه وكل ما تحته من اشياء ومضامين واساليب مرت عليه في دنياه التي لا يعرف معناها حتى الساعه.
الى من اراد العيش الرغيد على القمه فليتحمل سفحها والأ فلحضيض مكانه ومستقره .
ما سر هذا التناقض الحاد فينا وما سر ذلك السيل المنهدر من اعالي القمم المتساقط على رؤسنا كما كتل الصخور المنجرفه من زلزال مدمر , كيف لنا ان ننسى لحظات سعيده مرت علينا وعشنا خلالها وتدحرجنا على ربوعها ومروجها الخضراء ولماذا عند أي منعطف غير مرغوب به في الحياه وامام أي اختبار جليل من الله لنا ننكر ونتناسى ونبعد عن مخيلتنا كل زمن جميل مر علينا ؟ لماذا .....
كيف لنا ان نمحي من صدورنا الكبيره لحظات طيش شبابي او برائه طفوليه وان نمزق ما كتبه الزمن على اوراقه ونرمي بأيدينا تأريخ حياتنا العظيمه في سله المهملات ؟
ونعود من جديد لنتمنى من الله ان يرزقنا من جوده وكرمه لحظه سعيده وأن يأتي الينا الزمن وفي يديه باقه من الورود والرياحين وزهور من الياسمين والاقحوان لنعطر سمائنا وننشر في نفوسنا اريج الخير والآمال تاره اخرى .
كلنا نعلم ان الدنيا ما هي الأ دولاب ماء وناعور مغروس كما نواعير بلادي في عنه وراوه وهيت وفي وكل ريف في بلادي فهي تدور وتدور وما الايام الأ نواعير ماء يوم ترفعنا ونمتلئ ويوم تنزلنا وتفرغنا .. هكذا الحياة ..


وما من شيء في الارض الأ وكان له دوره يمر فيها ويطل بها ثم يختفي ويرحل وبعد زمن يعود من جديد وهكذا .. فالشمس تشرق من الشرق واخر النهار تودع من الغرب والقمر المضيء ياتي ويولد اول الشهر وفي اخره يودع ويرحل ولكل شيء زمان والينا ..
كما البحر بأمواجه لا يتعدى على اليابسه ولا عصور الجفاف حالت البحر عن امواجه لكل مكان ولكل زمان الأ ما رحم ربي ...
احياناً عديده اتخيل نفسي في عالم مليئ بألاسرار وذات يوم سوف تفتح لي باب الاربعين حرامي وسأنال كنز كبير احضى به دون من سواي .. هو حلم وما اجمل الاحلام في دنيا سلبت من عيون اصحابها طعم السهاد حتى صارت الاحلام عمله نادره يفتقدها الكثير .
احلم بحبيبه اصحبها معي على فرس ابيض وفي معصمها يستريح سوار من لهب الشمس وفي اذنيها اقراط من ضياء الفجر ونجوم مبعثرات على كفيها ...
لم لا نحلم .. لا الحلم حرام ولا عيب .....
ان الحياه لا تخلو من الاحلام والاحلام لا تخلو من الخرافات وفي هذا الزمن اصبحت الخرافات هي اقرب وسائل اقناع الرأي والفكر .
هي الوسيله الوحيده لتخدير الشعور وايقاف الحس والاحساس , ورغم ذلك وبأصرار شديد اسعى كما غيري الى الحفاظ على احلامي ولا افرط فيها حتى لو كلفني الامر الى فقدان احد اطرافي في حلم ذهبي حلمت به وتوسمت به لعله يتحقق ويرفعني من خلاله لحياة هادئه مستقره تريح زحامي المجنون الممزوج بالخيبه منذ ان اعتزلت الاوهام وقررت ان اعيش حياتي بحلم حقيقي اصبو اليه واتشبث به لعلي اصل يوماً ما لغايه في نفسي , قد اصل اليها ربما مسلوب الاراده , فاقد للعزيمه , هزيل البنيه , كبير في السن .فاقد نصفي , لكني رغم هذا كله سأفرح بالوصول ونشوه تحقيق الحلم .
وأن فشلت وأن فشلنا .. وغاب الحلم ورحلنا قبل الوصول وطوى الزمان صفحات حياتنا .. كفانا شرفاً اننا قررنا وحلمنا وسافرنا الى بقاع الله الواسعه بافكارنا وامنياتنا الصغيره ....
فلماذا اذن نتجنى على نفوسنا ونتأسى على ما فينا وما وجد دواخلنا , من منا يستطيع ان يعيش دون دمعه تذرف بصفاء في جوف الليل لحضره الايمان او الترجي او في سبيل الله او لحبيب غائب او لروح فقدناها جسداً وبقيت فينا روحاً وعاطفه .. لدمعه صادقه تهاب الله في سرها وجهرها .. من منا لم يذرف دمعه لموقف مؤلم او حادثه عابره ونحن كل يوم نرى مأساة العالم من حولنا .. من منا ؟
فبدون الخوف والمرار والحزن لا حلاوه في الدنيا تتذوق ولا سعاده ستصادفنا فبعد كأس المرار لا بد من رشفه حلوة من كأس الشهد من بين كرم الله علينا وخوفاً ورحمةً منه علينا ...

وبرغم الحماس في نفوسنا وبرغم الاحلام المزروعه مثل الورد في صدورنا هناك اسرار عظيمه نتستر عليها ونحميها ونصونها ولا نكشفها ونخاف من البوح بها ليبقى سر دفين نأخذه معنا الى عالمنا الآخر ليبقى حبيس الفكر والقلب والوجدان .
ولننعم ما تبقى من العمر ان طالت ايامه فهي رحله قصيره نسير بها على خطى من سبقونا ولا تزال معالم خطواتهم على ارض حياتنا مرسومه لتهدينا ولنهتدي بها ..
وبعد كلامي الطويل لا تزال هناك خفايا في روح الحروف لم تخرج اليكم ومن صميم الفؤاد سارت اليكم .. ولتدم الينا نفحات الخير والصبر وكل كلام جميل مغروس في نفوسنا وكل طيبه اقتبسناها من اهلنا الكرماء الطيبين ..
وليبقى لنا الشعور ..
وليبقى لنا الاحساس ..
ولسوف تبقى الدنيا بخير ..
والناس بخير ..
والزهور بخير ..
والقلوب بخير ..
والحب بخير ..
والصداقه بخير ..
ونحن بخير ...
وصباح الخير ...

No comments: