Thursday, July 10, 2008

بثلاثه ارباع قلبي احبكم






مهداة الى كل الاسره العراقين العائدين الى ارض الوطن
كتبت بعد اللقاء مع الصديق الأسير القادم من ايران بعد اسر دام احد عشر عام

مع تقدير




لم اعد ادري كيفيه الحديث .. بعدما فقد الحديث مغزاه .
ولست قادراً على وصف حالي كي اترجمه بحروف صماء على الورق الشاحب كأيامي المنسيه ..
خشيت على ان الذي في صدري قد لا يخرج من جوفه وصومعته الابديه ..
فمنذ فترة واسطري مشتاقه تواقه لحرف جامح قاطع كلسيف يخترقها وينثرها في الجو رماداً وغبار
مضى وقت طويل ودفتري لم تكتب به كلمات ولم تدرج ضمنه حكايات وهمسات ومشاعر فياضه ...
اكتب اليوم وقوف رأسي تحوم فراشات الحروف وغربان الوجع ..
لم اعد ما هناك فوقي ومن تحتي ومن جانبي ..
وكيف لي ان ابدأ اسطري الخائفه المرتجفه من رهبه الاحساس والشعور
كيف لي ان اضع الخطوط العريضه لهذه الحاله فما عدت بذاك السلوك ولا عاد السلوك بما كان عليه .
اسئل الناس من حولي .. اسأل اهلي واصدقائي وحبيبات العمر ..ماذا ترون بي ..؟
ماذا تحسون بدواخلي ؟
الآحظ استغرابهم ودهشتهم وهم يروني او يسمعوني او ينظرون الي ..
ارى الدهشه والخوف .. والتفكير البعيد
وارى في سمائهم تحوم طيور الدهشه وعلى اجنحتها اسئله مبهمه الاجوبه ..
ارى فيهم الملل والسقم مني ومن تصرفاتي وسكناتي وردود افعالي .
اجدهم قد ضاقوا ذرعاً بما تصرفت معهم وبما تحدثت معه وبأسلوب تخاطبي الغريب معهم .
قد يكون الوضع سيء عليهم بعض الشيء ..
حاولت اشغال روحي وتعطيل حركتي وفكري وشل اعاصبي في امور عديده بألاستعاضه الى الكتب والمكتبه الحبيبه مثلاً .. رفيقتي المحبوبه التي اصبحت احبها واعشقها مثلما اعشق نسمه الحريه وشمس الصباح .
فما ان انتهي من نهايه كتاب حتى اعود افتح فتحاً جديداً بعنوان اخر في كتاب اخر في موضوع جديد منفصل عني وعن كل ما افكر به واتمناه .
في اخر حوار لي مع عقلي , قبل عده شهور ماضيه , سألته ماذا تريد وماذا تتمنى ؟ فأجابني بكلمات مقتضبه سطحيه لم افهم معناها ومغزاها لحد ليله البارحه , لم اعرف ان قلبي وعقلي محتاجان الى الشعور بالعرفان لشخص ما في هذه الدنيا .. ولولاه لما وصلنا ولا كنا ولا حيينا .

ولولاه لما انا الآن على ارض وطني اكتب وحروفي سيخلدها الزمن برغم اعاصيره الهوجاء ولولاهم لما كنا الآن قد احببنا وانتصرنا وبقيت رؤوسنا مرفوعه مثل النخيل الشامخ الذي لاينوي ينكس رأسه لريح العواصف ..
اليوم اسمعهم يقولون كلنا فداء لكم وفداء لأمهاتكم وأبائكم واخواتكم والسنوات التي ضاعت من عمرنا هباء في الهواء فلتذهب قرابين لكم ولأهلكم .. ولتذهب صدقه لعيونكم وعيون اهلكم الطيبين .
فما عدت ادري ماذا اقول انا اسمع هذه الكلمات .
لماذا بقيت صامتاً هكدذا فقط اذرف الدموع لعل انتم عندما ستقرأون ما كتبت ستذرفون ايضاً الدموع .
لماذا هناك بشر اضاعوا نصف اعمارهم في جمود وركود وفقدوا ابتساماتهم وشبابهم في سبيل اناس لايعرفون العرفان ودوماً ينكرون الجميل .
حقيقه تألمت كثيراً البارحه وانا اسمع من احد الاصدقاء عن اناس اشقياء سلبوه وقيدوه وعطلوه عن مواكبه الحياة احد عشر سنه ونفوه في عرض الصحراء وجردوه حتى من نسمات الحريه في ان يتجول في ارض بور بعدها المدى وعرضها الصحراء .
وسط ذئاب وافاعي البراري ووضعوه في سجن ابوابه من حديد وشبابيكه من حديد .. احد عشر سنه .
هل تدرون مامعنى ان يقف الزمن بأحد منا احد عشر سنه , بمعنى ان نفقد احد عشر سنه من الحب والألم والعمر والفكر , بمعنى ان نفقد الاحساس بالزمن والوقت الليل والنهار ودوران الارض وبزوغ القمر .
هو ان يذهب من الفم طعم التذوق والشعور والاحساس والآمال التي كنتم تكبرونها في حين سفاح الآمال واقف خلف الاسوار وبيديه سكاكين قطعت وجذورنا وحبالنا السريه من ارحام امهاتنا .
هل تشعرون في تلك اللحظات بما شعروا هؤلاء الاشخاص ؟
هل ذاق احدكم يوما ما احد عشر عام من شوق لأم او لأب او اخ او صديق طفوله ..
شوق لأحباب الروح لأاناس انقطع اخبارهم واحاديثهم وليس يدري من عاش منهم ومن لم يعش ؟!
من ينعم لحد الآن بروح مذبوحه وقلب يتوجع يتأمل عوده محبوبه وروح تهاب الموت لحين وصول معشوقها المهاجر صوب الشمس .
ولحين ما تراه تحمد الله وتقول ربي لبيك خذ امانتك فقد امددت بعمري حتى متعت ناظري بقره عيني وسندي .
هل تدرون عن شخص صارع الموت في زنزانه البعد والنفي احد عشر عام وحين عوده وعبوره حدود وطنه سلم الأمانه الى الخالق العظيم وقال ربي احمدك لأني سادفن هنا في ارض اهلي بين قبر امي وابي اللذان ماتا حسره على فراقي وها انا اموت من بعدهم حسره عليهم .
من عاش منكم خارج اسوار وطنه قد يعرف احساسي الان ودوع عيني المتساقطه وذلك الاديم المتدفق من اعماق الروح والجسد .
هل سمعهتم عن اطفال كبروا واصبحوا بعمر الياسمين بعمر الورد الاحمر بعمر شقائق النعمان وزهور البنفسج وهم متأملين ان يروا او يعرفوا سبيل والدهم البعيد .. يعرفوه او لا يعرفوه ؟
حي ام ميت ؟
لايدرون وبين الشك واليقين يعيشون .. ويتأملون ان يلتقون فيه وفي احضان يجهشون ويبكون ...
وزوجه متلهفه الابصار تروم الليل والنهار تتفقد الابواب والنوافذ عسى يوماً يطل عليها زوجها من وسط عتمه شارعهم الذي يحن لخطواته ويترجى ان يعود ذلك الطفل الشقي الذي لعب سنوات على رصيفه الشامخ ولفحت شمس الصيف خدوده الخمريتين .. سنوات مضت على الطفل الراحل في عتمه الدنيا ..
من يدري قد يعود محبوب الحي .. الى الحي .. من جدبد
هل تدرون عن ماذا اكتب ؟
اكتب عن وجع مات في النفوس , عن البعد والعذاب الطويل
وعن مافقدانه فينا حتى فقد في زماننا .. عن الذي ضاع معناه في الصدور ..
اكتب الى اللذين توجوا رؤسنا بتيجان الزهو والنصر .. فألف مبروك اليكم نياشين الفخر فبدونكم ماكنا لنولد ونتعلم ونحب ونشعر بمراره الأسر وفرحه النصر ..
فلولاكم ماتفتحت ورده في ارض العراق ولاتدفق ماء في دجله ولاكنا الآن ننعم لولا فضلكم بنسمه الحريه وحريه النسمات فلكم منا الف قبله والف تحيه ....

No comments: